Medias
Medias
Medias
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Medias

Medias TN
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصة نوح عليه السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
King
Admin
Admin
King


عدد المساهمات : 553
نقاط التميز : 17925
تاريخ التسجيل : 23/06/2010
العمر : 44

قصة نوح عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: قصة نوح عليه السلام   قصة نوح عليه السلام Emptyالثلاثاء 8 فبراير - 10:01

نسبه

هو نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوع ـ وهو إدريس ـ بن يرد بن مهلابيل بن قينن بن أنوشي بن شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام.
مولده

وكان مولده بعد وفاة آدم بمائة سنة وست وعشرين سنة؛ فيما ذكره ابن جرير وغيره. وعلى
تاريخ أهل الكتاب المتقدم يكون بين مولد نوح وموت آدم مائة وست وأربعون
سنة، وكان بينهما عشرة قرون كما قال الحافظ أبو حاتم بن حبان في صحيحه:
حدثنا محمد بن عمرو بن يوسف، حدثنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه، حدثنا أبو
توبة، حدثنا معاوية بن سلام، عن أخيه زيد بن سلام سمعت أبا سلام، سمعت
أبا أمامة يقول: أن رجلا قال: يا رسول الله أنبي كان آدم؟ قال: "نعم،
مكلم". قلت فكم كان بينه وبين نوح؟ قال: "عشرة قرون
".
وهذا على شرط مسلم ولم يخرجه. وفي صحيح البخاري ابن عباس قال: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام.
فإن كان المراد
بالقرن مائة سنة ـ كما هو المتبادر عند كثير من الناس ـ فينهما ألف سنة لا
محالة، لكن لا ينفي أن يكون أكثر باعتبار ما قيد به ابن عباس بالإسلام،
إذ قد يكون بينهما قرون آخر متأخرة لم يكونوا على الإسلام، ولكن حديث أبي
أمامة يدل على الحصر في عشرة قرون، وزادنا ابن عباس أنهم كانوا على
الإسلام
.

وهذا يرد قول من زعم من أهل التواريخ وغيرهم من أهل الكتاب: أن قابيل وبنيه عبدوا النار. فالله أعلم.
وإن كان المراد بالقرن الجيل من الناس كما في قوله تعالى:
{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً ** (سورة الإسراء:17) .
وقوله:
{ ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ ** (سورة المؤمنون:31( .
وقال تعالى:
{ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً ** (سورة الفرقان: 38).
وقال:
{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً ** ( سورة مريم:74) .
وكقوله عليه السلام: "خير القرون قرني" ... الحديث، فقد كان الجيل قبل
نوح يعمرون الدهور الطويلة، فعلى هذا يكون بين نوح وآدم ألوف من السنين،
والله أعلم.

سبب بعث سيدنا نوح
وبالجملة فنوح
عليه السلام إنما بعثه الله تعالى لما عبدت الأصنام والطواغيت، وشرع الناس
في الضلالة والكفر، فبعثه الله رحمة للعباد؛ فكان أول رسول بعث إلي أهل
الأرض، كما يقول أهل الموقف يوم القيامة
.
سنه يوم البعث
واختلفوا في مقدار سنه يوم بعث، فقيل كان ابن خمسين سنة، وقيل ابن ثلاثمائة وخمسين سنة، وقيل ابن أربعمائة وثمانين سنة. حكاها ابن جرير، وعزا الثالثة منها إلي ابن عباس.


قصة سيدنا نوح
مضمون ما جرى
لسيدنا نوح مع قومه مأخوذا من الكتاب والسنة والآثار، فقد قدمنا عن ابن
عباس؛ أنه كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام، رواه البخاري.
وذكرنا أن المراد بالقرن الجيل أو المدة على ما سلف
.
ثم بعد تلك القرون
الصالحة حدثت أمور اقتضت أن آل الحال بأهل ذلك الزمان إلي عبادة الأصنام.
وكان سبب ذلك ما رواه البخاري من حديث ابن جريج عن عطاء، عن ابن عباس عند
تفسير قوله تعالى
:
{وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ** (سورة نوح:23) .
قال: هذه أسماء
رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلي قومهم أن انصبوا إلي
مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا فلم
تعبد، حتى إذا هلك أولئك وانتسخ العلم عبدت
.

قال ابن عباس: وصارت هذه الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد وهكذا قال عكرمة والضحاك وقتادة ومحمد بن إسحاق.
وقال ابن جرير في
تفسيره: حدثنا ابن حميد، حدثنا مهران، عن سفيان، عن موسى، عن محمد بن قيس
قال: كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما
ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلي
العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس
فقال: إنما كانوا يعبدوهم وبهم يسقطون المطر، فعبدوهم
.
وروى ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير أنه قال: ود ويغوث ويعوق وسواع ونسر أولاد آدم، وكان "ود" أكبرهم وأبرهم به.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا
احمد بن منصور، حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا يعقوب عن أبي المطهر، قال:
فلما انفتل من صلاته قال: ذكرتم يزيد بن المهلب، أما إنه قتل في أول أرض
عبد فيها غير الله تعالى. قال: ذكر ودا رجلاً صالحاً، وكان محبباً في قومه،
فلما مات عكفوا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه، فلما رأى إبليس جزعهم
عليه تشبه في صورة إنسان، ثم قال: إني أرى جزعكم على هذا الرجل، فهل لكم
أن أصور لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه به؟ قالوا: نعم فصور لهم مثله،
قال: ووضعوه فيناديهم وجعلوا يذكرونه، فلما رأى ما بهم من ذكره قال: هل
لكم أن أجعل في منزل كل واحد منكم تمثالاً مثله ليكون له في بيته
فتذكرونه؟ قالوا: نعم. قال: فمثل لكل أهل بيت تمثالاً مثله، فأقبلوا
فجعلوا يذكرونه به، قال: وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به. قال:
وتناسوا ودرس أمر ذكرهم إياه حتى اتخذوه إلهاً يعبدونه من دون الله،
وأولاد أولادهم، فكان أول ما عبد غير الله "ود" الذي سموه وداً
.

ومقتضى
هذا السياق أن كل صنم من هذه عبده طائفة من الناس، وقد ذكر أنه لما
تطاولت العهود والأزمان، جعلوا تلك الصور تماثيل مجسدة ليكون أثبت لها، ثم
عبدت بعد ذلك من دون الله عز وجل. ولهم في عبادتها مسالك كثيرة جداً قد
ذكرناها في مواضعها من كتابنا التفسير. ولله الحمد والمنة
.
وقد ثبت في
الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما ذكرت عنده أم سلمة وأم
حبيبة تلك الكنيسة التي رأينها بأرض الحبشة، ويقال لها مارية، فذكرتا من
حسنها وتصاوير فيها قال
: "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، ثم صوروا فيه تلك الصورة، أولئك شرار الخلق عند الله عز وجل".
والمقصود أن
الفساد لما انتشر في الأرض وعم البلاء بعبادة الأصنام فيها، بعث الله عبده
ورسوله نوحاً عليه السلام نوحاً عليه السلام، يدعو إلي عبادة الله وحده
لا شريك له، وينهي عن عبادة ما سواه
.
فكان أول رسول بعثه الله إلي أهل الأرض،
كما ثبت في
الصحيحين من حديث أبي حيان عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة، عن
النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة، قال: "فيأتون آدم فيقولون: يا
آدم أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة
فسجدوا لك وأسكنك الجنة، ألا تشفع لنا إلي ربك؟ ألا ترى ما نحن فيه وما
بلغنا؟ فيقول: ربي قد غضب اليوم غضباً شديداً لم يغضب قبله مثله ولا يغضب
بعده مثله، ونهاني عن الشجرة فعصيت، نفسي نفسي أذهبوا إلي غيري، أذهبوا
إلي نوح
.
فيأتون نوحاً
فيقولون: يا نوح أنت أول الرسل إلي أهل الأرض، وسماك الله عبداً شكوراً،
ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلي وما بلغنا؟ ألا تشفع لنا إلي ربك عز وجل؟
فيقول: ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله،
نفسي نفسي
"
وذكر تمام الحديث بطوله، كما أورده البخاري في قصة نوح.
فلما بعث الله
نوحاً عليه السلام، دعاهم إلي إفراد العبادة لله وحده لا شريك له، وألا
يعبدوا معه صنماً ولا تمثالاً، ولا طاغوتاً، وأن يعترفوا بوحدانيته، وأنه
لا إله غيره ورب سواه، كما أمر الله تعالى من بعده من الرسل هم كلهم من
ذريته
.
كما قال تعالى:
{وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِينَ ** (سورة الصافات:77( .
وقال فيه وفي إبراهيم:
{ وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا
ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ
فَاسِقُونَ
** (سورة الحديد:26) .
أي كل نبي من بعد نوح فمن ذريته، وكذلك إبراهيم.
قال الله تعالى:
{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ ** (سورة النحل:36) .
وقال الله تعالى:
{ وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ** (سورة الزخرف:45) .
وقال تعالى:
{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ ** (سورة الأنبياء:25) .
ولهذا قال نوح عليه السلام:
{ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ** (سورة الأعراف: 59) .
وقال:
{قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ** * {أَنِ ٱعبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ** * {يَغْفِرْ
لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ
أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
** * {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً ** * {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيۤ إِلاَّ فِرَاراً ** * {وَإِنِّي
كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ
آذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ
ٱسْتِكْبَاراً
** * {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً ** * {ثُمَّ إِنِّيۤ أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً ** * {فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً ** * {يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً ** * {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً ** * {مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ** * {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً **(سورة نوح:2ـ14) .
فذكر أنه دعاهم
إلي الله بأنواع الدعوة في الليل والنهار والسر والإجهار، بالترغيب تارة
وبالترهيب أخرى، وكل هذا لم ينجح فيهم، بل استمر أكثرهم على الضلالة
والطغيان وعبادة الأصنام والأوثان، ونصبوا له العداوة في كل وقت وأوان،
وتنقصوه وتنقصوا من آمن به وتوعدهم بالرجم والإخراج، ونالوا منهم، وبالغوا
في أمرهم
.
(قال الملأ من قومه) أي: السادة الكبراء منهم:
{ قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ** (سورة الأعراف:60) .
{ قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَـٰلَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ** (سورة الأعراف:61) .
أي: لست كما تزعمون من أني ضال، بل على الهدى المستقيم رسول من رب العالمين، أي: الذي يقول للشيء كن فيكون:
{ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ** (سورة الأعراف:62) .
وهذا شأن الرسول أن يكون بليغاً، أي: فصيحاً ناصحاً، أعلم الناس بالله عز وجل. وقالوا له فيما قالوا:

{ مَا
نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ
ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ
عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ
** (سورة هود:27) .
وتعجبوا أن يكون
بشراً رسولاً، وتنقصوا من اتبعه ورأوهم أراذلهم. وقد قيل: إنهم من أفناد
الناس وهم ضعفاؤهم، كما قال هرقل: وهم اتباع الرسل، وما ذاك إلا لأنه لا
مانع لهم من اتباع الحق
.
وقولهم: (بادي
الرأي) أي: بمجرد ما دعوتهم استجابوا لك من غير نظر ولا روية. وهذا الذي
رموهم به هو عين ما يمدحون بسببه رضي الله عنهم، فإن الحق الظاهر لا يحتاج
إلي روية ولا فكر ولا نظر، بل يجب اتباعه والانقياد له متى ظهر
.
ولهذا قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم مادحاً للصديق: "ما دعوت أحداً إلي الإسلام إلا
كانت له كبوة غير أبي بكر، فإنه لم يتلعثم"، ولهذا كانت بيعته يوم السقيفة
أيضاً سريعة من غير نظر ولا روية، لأن أفضليته على من عداه ظاهرة جلية
عند الصحابة رضي الله عنهم، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما
أراد أن يكتب الكتاب الذي أراد أن ينص فيه على خلافته فتركه، قال: "يأبى
الله والمؤمنون إلا أبا بكر" رضي الله عنه


وقول كفرة قوة نوح له ولمن آمن به:
{ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ ** (سورة هود:27( .
أي: لم يظهر لكم أمر بعد اتصافكم بالإيمان ولا مزية علينا:
{ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ***{ قَالَ
يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيۤ
وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ
أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ
** (سورة هود:27ـ28) .
وهذا تلطف في الخطاب معهم، وترفق بهم في الدعوة إلي الحق. كما قال تعالى:
{ فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ ** (سورة طه:44) .
وقال تعالى:
{ٱدْعُ
إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ
وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ َ
** (سورة النحل:125) .
يقول لهم:
{ قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيۤ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ ** (سورة هود:28) .
أي: النبوة والرسالة: (فعمت عليكم) أي: فلم تفهموها ولم تهتدوا إليها،
(أنلزمكموها) أي أنغصبكم بها ونجبركم عليها؟ (وأنتم لها كارهون) أي: ليس
لي فيكم حيلة والحالة هذه.

{ وَيٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ ** (سورة هود:29) .
أي: لست أريد منكم أجرة على إبلاغي إياكم ما ينفعكم في دنياكم وأخراكم،
إن أطلب ذلك إلا من الله ثوابه خير لي، وأبقى مما تعطونني أنتم. وقوله:

{ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ ** (سورة هود:29) .
كأنهم طلبوا منه أن يبعد هؤلاء عنه، ووعدوه أن يجتمعوا به إذا هو فعل
ذلك، فأبى عليهم ذلك وقال: (إنهم ملاقو ربهم) أي: فأخاف إن طردتهم أن
يشكوني إلي الله عز وجل، ولهذا قال:

{ وَيٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ** (سورة هود:30) .
ولهذا لما سأل كفار قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرد عنه
ضعفاء المؤمنين، كعمار وصهيب وبلال وخباب وأشباههم، نهاه الله عن ذلك كما
بيناه في سورتي الأنعام والكهف.

{ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ **( سورة هود: 31) .
أي:بل أنا عبد
رسول، ولا أعلم من علم الله إلا ما أعلمني به، ولا أقدر إلا على ما أقدرني
عليه، ولا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله، (ولا أقول للذين
تزدري أعينكم) يعني: من أتباعه

{ لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْراً ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِيۤ أَنْفُسِهِمْ إِنِّيۤ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ** (سورة هود:31) .
أي: لا أشهد عليهم بأنهم لا خير لهم عند الله يوم القيامة، الله أعلم
بهم وسيجازيهم على ما في نفوسهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر، كما قالوا في
الموضع الآخر:

{ أَنُؤْمِنُ لَكَ وَٱتَّبَعَكَ ٱلأَرْذَلُونَ ** * { قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ** * { إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ ** * { وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ** * { إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ** (سورة الشعراء:111ـ115) .
وقد تطاول الزمان والمجادلة بينه وبينهم كما قال تعالى:
{ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ** (سورة العنكبوت:14) .
أي: ومع هذه المدة الطويلة فما آمن به إلا القليل منهم.
وكان كلما انقرض
جبل وصوا من بعدهم بعدم الإيمان به ومحاربته ومخالفته. وكان الوالد إذا
بلغ ولده وعقل عنه كلامه، وصاه فيما بينه وبينه، إلا يؤمن بنوح أبداً ما
عاش ودائماً ما بقى
.
وكانت سجاياهم تأبى الإيمان واتباع الحق، ولهذا قال:
{ وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً ** (سورة نوح:27) .
ولهذا:
{قَالُواْ يٰنُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ ** * {قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ ** (سورة هود:32ـ33) .
أي: إنما يقدر علي ذلك الله عز وجل، فإنه الذي لا يعجزه شيء ولا يكترثه أمر، بل هو الذي يقول للشيء كن فيكون،

{وَلاَ
يَنفَعُكُمْ نُصْحِيۤ إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ
ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
** (سورة هود:34) .
أي: من يريد الله
فتنته فلن يملك أحد هدايته، هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وهو
الفعال لما يريد، وهو العزيز الحكيم، العليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق
الغواية وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة
.
{وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ** (سورة هود:36) .
وهذه تعزية لنوح
عليه السلام في قومه أنه لن يؤمن منهم إلا من قد آمن، وتسلية له عما كان
منهم إليه: (فلا تبتئس بما كانوا يفعلون) أي: لا يسوء لك ما جرى فإن النصر
قريب والنبأ عجيب عجيب
.
{وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ ** (سورة هود:37) .
وذلك أن نوحاً
عليه السلام لما يئس من صلاحهم وفلاحهم، ورأى أنهم لا خير فيهم، وتوصلوا
إلي أذيته ومخالفته وتكذيبه بكل طريق، من فعال ومقال، دعا عليهم دعوة غضب
لله عليهم، فلبى الله دعوته، وأجاب طلبته
.
قال تعالى:
{وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ ** * {وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ **(سورة الصافات: 75ـ76) .
وقال تعالى:
{وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ **(سورة الأنبياء:76) .
وقال تعالى:
{قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ ***{فَٱفْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ **(سورة الشعراء:117ـ118) .
وقال تعالى:
{فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ ** (سورة القمر:10) .
وقال تعالى:
{قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ** (سورة المؤمنون:26) .
وقال تعالى:
{مِّمَّا خَطِيۤئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَاراً ** * {وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً ** * {إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً ** (سورة نوح:25ـ27) .
فاجتمع عليهم خطاياهم من كفرهم وفجورهم ودعوة نبيهم عليهم.
فعند ذلك أمره الله تعالى أن يصنع الفلك، وهي السفينة العظيمة التي لم يكن لها نظير قبلها ولا يكون بعدها مثلها.
وقدم الله تعالى
إليه أنه إذا جاء أمره وحل بهم بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين، أنه
لا يعاوده فيهم ولا يراجعه، فإنه لعله قد تدركه رقة على قومه عند معاينة
العذاب النازل بهم، فإنه ليس كالمعاينة. ولهذا قال
:
{وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ ** * {وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ** (سورة هود:37ـ38)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://medias.ahlamontada.com
 
قصة نوح عليه السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة آدم عليه السلام
» قصة هود عليه السلام
» قصة لوط عليه السلام
» قصة داود عليه السلام
» قصة سليمان عليه السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Medias :: المنتدى الاسلامي :: المنتدى الاسلامي-
انتقل الى:  
المشاركات المنشورة بمنتديات ميديا تونس لاتعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع ولا تمثل إلا رأي أصحابها فقط
Contactez Nous: benammar2001@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لـMedias/ Powered by ®Medias.Tn
حقوق الطبع والنشر©2020 - 2010