Medias
Medias
Medias
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Medias

Medias TN
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصة هود عليه السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
King
Admin
Admin
King


عدد المساهمات : 553
نقاط التميز : 17925
تاريخ التسجيل : 23/06/2010
العمر : 44

قصة هود عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: قصة هود عليه السلام   قصة هود عليه السلام Emptyالثلاثاء 8 فبراير - 10:09


قصة هود عليه السلام

وهو
بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام. ويقال: إن هود هو عامر بن
شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، ويقال: هود بن عبد الله بن رباح الجارود بن
عاد بن عوص بن إرم بن نوح عليه السلام. ذكره ابن جرير
.
وكان من قبيلة
يقال لهم: عاد بن عوص بن سام بن نوح، وكانوا عرباً يسكنون الأحقاف ـ وهي
جبال الرمل ـ وكانت باليمين بن عمان وحضر موت، بأرض مطلة على البحر، يقال
لها: "الشحر"، واسم واديهم: "مغيث
".
وكانوا كثيراً ما يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام، كما قال تعالى:
{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ** * { إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ ** (سورة الفجر:6ـ7) .
أي: عاد إرم وهم عاد الأولى، وأما عاد الثانية فمتأخرة كما سيأتي بيان ذلك في موضعه. وأما عاد الأولى فهم عاد
{ إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ ** * { ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ ** (سورة الفجر:7ـ8 ) .
أي: مثل القبيلة، وقيل مثل العمد، والصحيح الأول، كما بيناه في التفسير.
ومن زعم أن "إرم"
مدينة تدور في الأرض، فتارة في الشام، وتارة في اليمن، وتارة في الحجاز،
وتارة في غيرها، فقد أبعد النجعة، وقال ما لا دليل عليه، ولا برهان يعول
عليه، ولا مستند يركن إليه. وفي صحيح ابن حبان عن أبي ذر في حديثه الطويل
في ذكر الأنبياء والمرسلين قال فيه: "منهم أربعة من العرب: هود، وصالح،
وشعيب، ونبيك يا أبا ذر
".
ويقال: إن هوداً عليه السلام أول من تكلم بالعربية، وزعم وهب بن منبه أن أباه أول من تكلم بها، وقال غيره: أول من تكلم بها نوح، وقيل: آدم
الأشبه، وقيل غير ذلك. والله أعلم. ويقال للعرب الذين كانوا قبل إسماعيل
عليه السلام: العرب العاربة، وهم قبائل كثيرة منهم عاد، وثمود، وجرهم،
وطسم، وأميم، ومدين، وعملاق، وعبيل، وجاسم، وقحطان، وبنو يقطن، وغيرهم
.
وأما العرب
المستعربة: فهم ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل، وكان إسماعيل بن إبراهيم
عليهما السلام أول من تكلم بالعربية الفصيحة البليغة، وكان قد أخذ كلام
العرب من جرهم الذين نزلوا عند أمة هاجر بالحرم كما سيأتي بيانه في موضعه
إن شاء الله، ولكن أنطقه الله بها في غاية الفصاحة والبيان، وكذلك كان
يتلفظ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
والمقصود أن عاداً
ـ وهم عاد الأولى ـ كانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان وكانت أصنامهم
ثلاثة: صمدا، وصمود، وهرا. فبعث الله فيهم أخاهم هوداً عليه السلام فدعاهم
إلي الله. وذلك بين في قوله لهم
:
{ وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي ٱلْخَلْقِ بَسْطَةً **(سورة الأعراف:69 ) .
أي: جعلهم أشد أهل زمانهم في الخلقة والشدة والبطش. وقال في "المؤمنون"
{ ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ ** (سورة الآية:31) .
وهم قوم هود على الصحيح. وزعم آخرون أنهم ثمود لقوله:
{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً ** (سورة المؤمنون:41) .
قالوا: وقوم صالح هم الذين أهلكوا بالصيحة
{ وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ** (سورة الحاقة:6) .
وهذا الذي قالوه
لا يمنع من اجتماع الصيحة والرياح العاتية عليهم؛ كما سيأتي في قصة أهل
مدين أصحاب الأيكة، فإنه اجتمع عليهم أنواع من العقوبات، ثم لا خوف أن
عاداً قبل ثمود. والمقصود أن عاداً كانوا عرباً جفاة كافرين، متمردين عتاة
في عبادة الأصنام، فأرسل الله فيهم رجلاً منهم يدعوهم إلي الله وإلي
إفراده بالعبادة والإخلاص له، فكذبوه وخالفوه وتنقصوه؛ فأخذهم الله أخذ
عزيز مقتدر
.
فلما أمرهم بعبادة الله ورغبهم في طاعته واستغفاره، ووعدهم على ذلك خير الدنيا والآخرة، وتوعدهم على مخالفة ذلك عقوبة الدنيا والآخرة:
{ قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ ** (سورة الأعراف:66) .
أي: هذا
الأمر الذي تدعونا إليه سفه بالنسبة إلي ما نحن عليه من عبادة هذه
الأصنام التي يرتجي منها النصر والرزق، ومع هذا نظن أنك تكذب في دعواك أن
الله أرسلك
.
{ قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ** (سورة الأعراف:67) .
أي: ليس الأمر كما تظنون ولا كما تعتقدون
{ أُبَلِّغُكُمْ رِسَٰلٰتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ** (سورة الأعراف:68) .
والبلاغ يستلزم
هدم الكذب في أصل المبلغ، وعدم الزيادة فيه والنقص منه، ويستلزم أداءه
بعبارة فصيحة وجيزة جامعة مانعة لا لبس فيها ولا اختلاف ولا اضطراب
.
وهو مع هذا البلاغ
على هذه الصفة في غاية النصح لقومه، والشفقة عليهم، والحرص على هدايتهم،
لا يبتغي منهم أجراً، ولا يطلب منهم جعلاً، بل هو مخلص لله عز وجل في
الدعوة إليه والنصح لخلقه، لا يطلب أجره إلا من الذي أرسله، فإن خير
الدنيا والآخرة كله في يديه وأمره إليه، ولهذا قال
:
{ يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ** (سورة هود:51) .
أي: أما لكم عقل
تميزون به وتفهمون أني أدعوكم إلي الحق المبين الذي تشهد به فطرتكم التي
خلقتم عليها، وهو دين الحق الذي بعث الله به نوحاً، وأهلك من خالفه من
الخلق، وهاأنا أدعوكم إليه لا أسألكم عليه، بل ابتغي ذلك من عند الله مالك
الضر والنفع، ولهذا قال مؤمن "يس
":
{ ٱتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ ** * { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ** (سورة يس:21ـ22) .
وقال قوم هود له فيما قالوا:
{ يٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيۤ آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ** * { إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ ** (سورة هود:53ـ54) .
يقولون: ما جئتنا
بخارق يشهد لك بصدق ما جئت به، وما نحن بالذين نترك عبادة أصنامنا عن مجرد
قولك بلا دليل أقمته ولا برهان نصبته، وما نظن إلا أنك مجنون فيما تزعمه،
وعندنا إنما أصابك هذا لأن بعض آلهتنا غضب عليك، فأصابك في عقلك فاعتراك
جنون بسبب ذلك، وهو قولهم
:
{ إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ **(سورة هود:54) .
{ قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ** * { مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ ** (سورة هود:54ـ55) .
وهذا تحد منه لهم،
وتبرؤ من آلهتهم، وتنقص منه لها، وبيان أنها لا تنفع شيئاً ولا تضر،
وأنها جماد حكمها حكمه وفعلها فعله، فإن كانت كما تزعمون من أنها تنصر،
وتنفع، وتضر، فها أنا إذاً برئ منها لاعن لها، فكيدوني أنتم وهي جميعاً
بجميع ما يمكنكم أن تصلوا إليه وتقدروا عليه، ولا تؤخروني ساعة واحدة ولا
طرفة عين؛ فإني لا أبالي بكم، ولا أفكر فيكم، ولا انظر إليكم
.
{ إِنِّي
تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ
هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
**
(سورة هود:56) .
أي: أنا
متوكل على الله ومتأيد به، وواثق بجانبه الذي لا يضيع من لاذ به واستند
إليه، فلست أبالي مخلوقاً سواه، ليست أتوكل إلا عليه، ولا أعبد إلا إياه.
وهذا وحده برهان قاطع على أن هوداً عبد الله ورسوله، وأنهم على جهل وضلال
في عبادتهم غير الله، لأنهم لم يصلوا إليه بسوء، ولا نالوا منه مكروهاً؛
فدل على صدقه فيما جاءهم به، وبطلان ما هم عليه، وفساد ما ذهبوا إليه
.
وهذا الدليل بعينه قد استدل به نوح عليه السلام قبله في قوله:
{ يٰقَوْمِ
إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ ٱللَّهِ
فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ
ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ ٱقْضُوۤاْ إِلَيَّ
وَلاَ تُنظِرُونَ
**
(سورة يونس:71) .
{ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ ** * { وَكَيْفَ
أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم
بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَٰناً فَأَيُّ
ٱلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِٱلأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
** * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ ** * { وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيْنَٰهَآ إِبْرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَٰتٍ مَّن نَّشَآءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ **
(سورة الأنعام:80ـ83 ) .
{ وَقَالَ
ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ
ٱلآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي ٱلْحَيـاةِ ٱلدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلاَّ
بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ
مِمَّا تَشْرَبُونَ
** * { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ ** * { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ ** (سورة المؤمنون:33ـ53
) .
استبعدوا أن يبعث الله رسولاً بشرياً، وهذه الشبهة أدلى بها كثير من جهلة الكفرة قديماً وحديثاً، كما قال تعالى:
{ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ **)سورة يونس:2) .
وقال تعالى:
{ وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً ** * { قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً ** (سورة الإسراء:94ـ95) .
ولهذا قال لهم هود عليه السلام:
{ أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ** (سورة الأعراف:69) .
أي: ليس هذا بعجيب؛ فإن الله أعلم حيث يجعل رسالاته. وقوله:
{ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ ** * { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ** * { إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ** * { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ ٱفتَرَىٰ عَلَىٰ ٱللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ ** * { قَالَ رَبِّ ٱنْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ** ر(سورة المؤمنون: 35 ـ 39) .
استبعدوا المعاد
وأنكروا قيام الأجساد بعد صيرورتها تراباً وعظاماً، وقالوا: هيهات هيهات،
أي: بعيد بعيد هذا الوعد، (إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن
بمبعوثين). أي: يموت قوم ويحيا آخرون؛ وهذا هو اعتقاد الدهرية، كما يقول
بعض الجهلة من الزنادقة: أرحام تدفع وأرض تبلع
.
وأما الدورية فهم
الذين يعتقدون أنهم يعودون إلي هذه الدار بعد كل ستة وثلاثين ألف سنة،
وهذا كله كذب وكفر وجهل وضلال، وأقوال باطلة وخيال فاسد بلا برهان ولا
دليل يستميل عقل الفجرة الكفرة من بني آدم الذين لا يعقلون لا يهتدون، كما
قال تعالى
:
{ وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ** (سورة الأنعام:113) .
وقال لهم فيما وعظهم به:
{ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ** * { وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ** (سورة الشعراء:128ـ129) .
يقول لهم: أتبنون
بكل ريع آية تعبثون؛ مكان مرتفع بناء عظيم هائل كالقصور ونحوها، تعبثون
ببنائها لأنه لا حاجة لكم فيه، وما ذاك إلا لأنهم كانوا يسكنون الخيام،
كما قال تعالى
:
{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ** * { إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ ** * { ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ ** (سورة الفجر:6ـCool .
فعاد إرم هم عاد
الأولى الذين كانوا يصنعون الأعمدة التي تحمل الخيام التي يسكنونها. ومن
زعم أن "إرم" مدينة من ذهب وفضة وهي تنتقل في البلاد، فقد غلط وأخطأ، وقال
ما لا دليل عليه. وقوله: (وتتخذون مصانع) قيل: هي القصور، وقيل: بروج
الحمام، وقيل مآخذ الماء، (لعلكم تخلدون) أي
: رجاء منكم أن تعمروا في هذه الدار أعماراً طويلة.
{ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ** * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ** * { وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِيۤ أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ ** * { أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ ** * { وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ** * { إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ** (سورة الشعراء:130ـ135) .
وقالوا له مما قالوا:
{ أَجِئْتَنَا
لِنَعْبُدَ ٱللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا
فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ
** (سورة الأعراف:70) .

أي: أجئتنا لنعبد
الله وحده، ونخالف آباءنا وأسلافنا وما كانوا عليه؟ فإن كنت صادقا فيما
جئت به فأتنا بما تعدنا من العذاب والنكال فإنا لا نؤمن بك ولا نتبعك ولا
نصدقك
.
كما قالوا:
{ قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ ٱلْوَاعِظِينَ ** * { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ خُلُقُ ٱلأَوَّلِينَ ** * { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ** (سورة الشعراء:136ـ137) .
إما على قراءة فتح
الخاء، فالمراد به اختلاق الأولين، أي: إن هذا الذي جئت به إلا اختلاف
منك، أخذته من كتب الأولين، وهكذا فسره غير واحد من الصحابة والتابعين،
وإما على قراءة ضم الخاء اللام، فالمراد به الدين، أي: إن هذا الدين الذي
نحن عليه ما هو إلا دين الأولين الآباء والأجداد من الأسلاف، ولن نتحول
عنه ولا نتغير، ولا نزال متمسكين به
.
ويناسب كلتا القراءتين الأولى والثانية قولهم: (وما نحن بمعذبين). قال:
{ قَدْ
وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَٰدِلُونَنِي
فِيۤ أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنْتُمْ وَآبَآؤكُمُ مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ
بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ
ٱلْمُنْتَظِرِينَ
** (سورة الأعراف:71) .

أي: قد استحققتم
بهذه المقالة الرجس والغضب من الله، أتعارضون عبادة الله وحده لا شريك له
بعبادة أصنام نحتموها وسميتموها آلهة من تلقاء أنفسكم؟ اصطلحتم عليها أنتم
وآباؤكم، ما نزل الله بها من سلطان، أي: لم ينزل على ما ذهبتم إليه
دليلاً ولا برهاناً، وإذ أبيتم قبول الحق وتماديتم في الباطل، سواء عليكم
أنهيتكم عما أنتم فيه أم لا، فانتظروا الآن عذاب الله الواقع بكم، وبأسه
الذي لا يرد، ونكاله الذي لا يصد
.
وقال تعالى:
{ قَالَ رَبِّ ٱنْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ** * { قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ** * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ ** (سورة المؤمنون:39ـ41) .
وقال تعالى:
{ قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ ** * { قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ ** * { فَلَمَّا
رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَـٰذَا
عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا
عَذَابٌ أَلِيمٌ
** * { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ ** (سورة الأحقاف:22ـ25) .

وقد ذكر الله تعالى خبر إهلاكهم في غير ما آية كما تقدم مجملاً ومفصلاً، وكقوله:
{ فَأَنجَيْنَاهُ
وَٱلَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ
كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ
** (سورة الأعراف:72) .

وكقوله:
{ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ** * { وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ** * { وَأُتْبِعُواْ
فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاۤ إِنَّ
عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ
** (سورة هود:58ـ60) .

وكقوله:
{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ ** (سورة المؤمنون:41) .
وقال تعالى:
{ فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ** * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ** (سورة الشعراء:139ـ140) .
وأما تفصيل إهلاكهم فكما قال تعالى:
{ فَلَمَّا
رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَـٰذَا
عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا
عَذَابٌ أَلِيمٌ
** (سورة الأحقاف:24) .

كان هذا أول ما
ابتدأهم العذاب، أنهم كانوا ممحين مسنتين، فطلبوا السقيا؛ فرأوا عارضاً من
السماء وظنوه سقيا رحمة، فإذا هو سقيا عذاب، ولهذا قال تعالى: (بل هو ما
استعجلتم به) أي: من وقوع العذاب، وهو قولهم: (فأتنا بما تعدنا إن كنت من
الصادقين)، ومثلها في الأعراف
.
وقد ذكر المفسرون
وغيرهم هاهنا الخبر الذي ذكره الإمام محمد بن إسحاق بن يسار قال: فلما
أبوا إلا الكفر بالله عز وجل، أمسك عنهم القطر ثلاث سنين، حتى جهدهم ذلك،
قال وكان الناس إذا جهدهم أمر في ذلك الزمان فطلبوا من الله الفرج منه
إنما يطلبونه بحرمة ومكان بيته، وكان معروفاً عند أهل ذلك الزمان، وبه
العماليق مقيمون، وهم من سلالة عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، وكان سيدهم
إذ ذاك رجلاً يقال له معاوية بن بكر، وكانت أمة من قوم عاد واسمها جلهذه
ابنة الخيبري
.
قال: فبعث عاد
وفداً قريباً من سبعين رجلاً ليستسقوا لهم عند الحرم، فمروا بمعاوية ابن
بكر بظاهر مكة، فنزلوا عليه فأقاموا عنده شهراً، يشربون الخمر، وتغنيهم
الجرادتان، قينتان لمعاوية، وكانوا قد وصلوا إليه في شهر
.
فلما
طال مقامهم عنده، وأخذته شفقة على قومه واستحيا منهم أن يأمرهم
بالانصراف، عمل شعراً يعرض لهم فيه بالانصراف، وأمر القينتين أن تغنيهم به
فقال
:
ألا يا قيل ويحك
وقم فهبنم فيسقي أرض عاد إن عادا من العطش الشديد فليس نرجو وقد كانت
نساؤهم بخير وإن الوحش يأتيهم جهاراً وأنتم هاهنا فيما اشتهيتم فقبح وفدكم
من وفد قوم لعل الله يصحبنا غماما قد أمسوا لا يبينون الكلاما به الشيخ
الكبير ولا الغلاما فقد أمست نساؤهم أيامي ولا يخشى لعاد سهاماً نهاركم
وليلكم تماما ولا لقوا التحية والسلاما

قال فعند ذلك تنبه
القوم لما جاءوا له، فنهضوا إلي الحرم ودعوا لقومهم، فدعا داعيهم، وهو
قيل بن عتر، فأنشأ الله سحابات ثلاث: بيضاء، وحمراء، وسوداء، ثم ناداه
مناد من السماء اختر لنفسك أو لقومك من هذا السحاب، فقال: اخترت السحابة
السوداء فإنها أكثر السحاب ماء، فناداه مناد: اخترت رماد رمدداً لا تبقى
من عاد أحداً، لا والداً تترك ولا ولداً، إلا جعلته همداً؛ إلا بني
اللوذية الهمدا قال: وهم بطن من عاد كانوا مقيمين بمكة، فلم يصبهم ما أصاب
قومهم. قال: ومن بقى من أنسابهم وأعقابهم هم عاد الآخرة
.
قال: وساق الله
السحابة السوداء التي اختارها قيل بن عتر بما فيها من النقمة إلي عاد حتى
تخرج عليهم من واد يقال له المغيث، فلما رأوها استبشروا، وقالوا: هذا عارض
ممطرنا فيقول تعالى
:
{ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ** * { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ ** ( سورة الأحقاف:22ـ25) .
فكان أول من أبصر
ما فيها وعرف أنها ريح فيما يذكرون امرأة من عاد يقال لها: "مهد" فلما
تبينت ما فيها صاحت ثم صعقت، فلما أفاقت قالوا: ما رأيت يا مهد؟ قالت:
ريحاً فيها كشهب النار أمامها رجال يقودونها. فسخرها الله عليهم سبع ليال
وثمانية أيام حسوماً، والحسوم: الدائمة، فلم تدع من عاد أحداً إلا هلك
.
قال: واعتزل هود
عليه السلام ـ فيما ذكر لي ـ في حظيرة هو ومن معه من المؤمنين ما يصيبهم
إلا ما تلين عليهم الجلود، وتلذ الأنفس، وإنها لتمر على عاد بالظعن فيما
بين السماء والأرض، وتدمغهم بالحجارة، وذكر تمام القصة
.
وقد
روي الإمام احمد حديثاً في مسنده يشبه هذه القصة فقال: حدثنا زيد بن
الحباب حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي، حدثنا عاصم بن أبي النجود،
عن أبي وائل، عن الحارث ـ وهو ابن حسان ـ ويقال ابن يزيد البكري، قال:
خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فمررت
بالربذة، فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها، فقال لي: يا عبد الله إن لي إلي
رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة، فهل أنت مبلغي إليه؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://medias.ahlamontada.com
 
قصة هود عليه السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة نوح عليه السلام
» قصة لوط عليه السلام
» قصة آدم عليه السلام
» قصة إدريس عليه السلام
» قصة أيوب عليه السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Medias :: المنتدى الاسلامي :: المنتدى الاسلامي-
انتقل الى:  
المشاركات المنشورة بمنتديات ميديا تونس لاتعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع ولا تمثل إلا رأي أصحابها فقط
Contactez Nous: benammar2001@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لـMedias/ Powered by ®Medias.Tn
حقوق الطبع والنشر©2020 - 2010